لفت صديق في السلك الدبلوماسي الأجنبي انتباهي مؤخراً إلى مفارقة في المشهد السياسي الأميركي: هناك دعم من كلا الحزبين لتغيير النظام في فنزويلا، وبالمقابل، هناك انقسام حزبي عميق بخصوص السياسة الأميركية تجاه إيران. هذا الانقسام، والأخبار حول ارتفاع التوتر بين البلدين، كان حاضراً بقوة في حواري الإذاعي يوم الجمعة مع بيت بوتيغيغ، عمدة ساوث باند، ولاية إنديانا، والمتنافس على الترشيح الرئاسي «الديمقراطي» 2020.
سألتُ بوتيغيغ عن إيران بشكل عام وعن «خطة العمل الشاملة المشتركة» لسنة 2015، المعروفة أكثر بالاتفاق النووي الإيراني، بشكل خاص. لقد انسحب الرئيس دونالد ترامب العام الماضي من الاتفاق. فهل سيسعى بوتيغيغ كرئيس للعودة إليه؟ «أجل»، كان جوابه. «إن هدف الاتفاق كان تقليصَ التهديد النووي من إيران أو إزالته. فنحن لم نفعل ذلك كمعروف لإيران، بل فعلناه من أجل المصالح الأمنية الأميركية. وإذا كنا سنفعل شيئاً من جديد، فإننا نستطيع دائماً البحث عن طرق للقيام بذلك بشكل مختلف. ولكنني أعتقد أنه جعلنا أكثر أمناً، وأعتقد أن الانسحاب منه ساهم في عدم استقرار المنطقة».
ولكن عندما سُئل حول ما إن كان الاتفاق النووي الإيراني في عهد باراك أوباما وقبل الانسحاب الأميركي قد كبح بأي طريقة السلوكَ الإيراني في المنطقة، اعترف العمدة بأنه لم يفعل. وقال: «حسنا، إن الاتفاق النووي الإيراني كان يتعلق بجهودهم للحصول على القدرة النووية»، مضيفاً: «أما السلوك السيئ في المنطقة، فتلك قصة أخرى. ولكن كلا، لا أعتقد أنه كبح أنشطتهم الإقليمية».
ذاك «السلوك السيئ» يشمل تواطؤ إيران في الجرائم التي ترتكب داخل سوريا حيث تُواصل طهران دعم الأسد، كما قامت إيران بتسليح ميليشيا «حزب الله» التي تسيطر على جنوب لبنان بعشرات الآلاف من الصواريخ، المتاحة الآن لضرب إسرائيل، وإيران تقدم دعماً كبيراً للمتمردين الحوثيين في الحرب اليمنية، والذين أعلنوا الأسبوع الماضي مسؤوليتهم عن هجوم بطائرة من دون طيار على خط أنابيب نفطي سعودي. كما كانت إيران أيضاً على ما يبدو وراء الهجمات الأخيرة على الملاحة في الخليج، عندما تعرضت ناقلتا نفط سعوديتان وسفينة نرويجية للتخريب.
ومن «السلوك السيئ» الإيراني أيضاً، تصدير الفوضى إلى غزة عبر مساعدة «حماس» وسجن مواطنين أميركيين ظلماً.
وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تناول سلوك إيران الخبيث قبل عام في خطاب بمؤسسة «ذا هيريتدج فاونديشن»، وما فتئ يكرر الرسالة منذ ذلك الوقت: يجب على إيران أن تغيّر سلوكها، ولكنها ترفض فعل ذلك.
والواقع أن حتى أكبر مدافع عن الاتفاق النووي الإيراني، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق بن رودز، أقر، في لحظة صراحة في 2016، بأن «مقاربة إيران لبرنامجها النووي تغيرت، ولكن سياستها الخارجية العامة – وطبيعة نظامها – لم تتغير حتى الآن».
وبعد ثلاث سنوات على ذلك، ما زال ذلك هو واقع الحال. ولكن بوتيغيغ، ومن شبه المؤكد بقية المرشحين الرئاسيين «الديمقراطيين»، ما زالوا يتوهمون أن الاتفاقَ النووي الإيراني فكرةٌ جيدةٌ. ولكنه ليس كذلك، سواء أمس أو اليوم أو في 2020.
ورغم عداء النظام الإيراني المستحكم للولايات المتحدة وحلفائها، يواصل أميركيون مثل بوتيغيغ تصديق أسطورة «المعتدلين الإيرانيين». والحال أن هذا نظامٌ حكمه «مرشِدَون» في 40 سنة، مستبدون يؤمِّن حكمَهم «الحرسُ الثوري»، دولة داخل دولة صنفتها إدارة ترامب الشهر الماضي منظمةً إرهابية أجنبية على نحو صحيح.
«الديمقراطيون» الذين يتجاهلون هذا الواقع والذين يعدون بالعودة إلى سياسات التهدئة التي كانت متبعة في عهد أوباما ربما يوقعون على إعادة لسيناريو انتخابات 2016، والذي تبين أنه لم يكن جيداً جداً بالنسبة لوزيرة خارجية سابقة في إدارة أوباما.
ذلك أن ملايين الأميركيين يدركون تهديد إيران أفضل بكثير مما يفعل الجناح «التقدمي» للحزب «الديمقراطي». وسيرفضون العودة إلى السياسات التي شهدت تعاظم قوة أعداء أميركا، بينما قُلصت الميزانية العسكرية الأميركية خلال سنوات أوباما.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
سألتُ بوتيغيغ عن إيران بشكل عام وعن «خطة العمل الشاملة المشتركة» لسنة 2015، المعروفة أكثر بالاتفاق النووي الإيراني، بشكل خاص. لقد انسحب الرئيس دونالد ترامب العام الماضي من الاتفاق. فهل سيسعى بوتيغيغ كرئيس للعودة إليه؟ «أجل»، كان جوابه. «إن هدف الاتفاق كان تقليصَ التهديد النووي من إيران أو إزالته. فنحن لم نفعل ذلك كمعروف لإيران، بل فعلناه من أجل المصالح الأمنية الأميركية. وإذا كنا سنفعل شيئاً من جديد، فإننا نستطيع دائماً البحث عن طرق للقيام بذلك بشكل مختلف. ولكنني أعتقد أنه جعلنا أكثر أمناً، وأعتقد أن الانسحاب منه ساهم في عدم استقرار المنطقة».
ولكن عندما سُئل حول ما إن كان الاتفاق النووي الإيراني في عهد باراك أوباما وقبل الانسحاب الأميركي قد كبح بأي طريقة السلوكَ الإيراني في المنطقة، اعترف العمدة بأنه لم يفعل. وقال: «حسنا، إن الاتفاق النووي الإيراني كان يتعلق بجهودهم للحصول على القدرة النووية»، مضيفاً: «أما السلوك السيئ في المنطقة، فتلك قصة أخرى. ولكن كلا، لا أعتقد أنه كبح أنشطتهم الإقليمية».
ذاك «السلوك السيئ» يشمل تواطؤ إيران في الجرائم التي ترتكب داخل سوريا حيث تُواصل طهران دعم الأسد، كما قامت إيران بتسليح ميليشيا «حزب الله» التي تسيطر على جنوب لبنان بعشرات الآلاف من الصواريخ، المتاحة الآن لضرب إسرائيل، وإيران تقدم دعماً كبيراً للمتمردين الحوثيين في الحرب اليمنية، والذين أعلنوا الأسبوع الماضي مسؤوليتهم عن هجوم بطائرة من دون طيار على خط أنابيب نفطي سعودي. كما كانت إيران أيضاً على ما يبدو وراء الهجمات الأخيرة على الملاحة في الخليج، عندما تعرضت ناقلتا نفط سعوديتان وسفينة نرويجية للتخريب.
ومن «السلوك السيئ» الإيراني أيضاً، تصدير الفوضى إلى غزة عبر مساعدة «حماس» وسجن مواطنين أميركيين ظلماً.
وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تناول سلوك إيران الخبيث قبل عام في خطاب بمؤسسة «ذا هيريتدج فاونديشن»، وما فتئ يكرر الرسالة منذ ذلك الوقت: يجب على إيران أن تغيّر سلوكها، ولكنها ترفض فعل ذلك.
والواقع أن حتى أكبر مدافع عن الاتفاق النووي الإيراني، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي السابق بن رودز، أقر، في لحظة صراحة في 2016، بأن «مقاربة إيران لبرنامجها النووي تغيرت، ولكن سياستها الخارجية العامة – وطبيعة نظامها – لم تتغير حتى الآن».
وبعد ثلاث سنوات على ذلك، ما زال ذلك هو واقع الحال. ولكن بوتيغيغ، ومن شبه المؤكد بقية المرشحين الرئاسيين «الديمقراطيين»، ما زالوا يتوهمون أن الاتفاقَ النووي الإيراني فكرةٌ جيدةٌ. ولكنه ليس كذلك، سواء أمس أو اليوم أو في 2020.
ورغم عداء النظام الإيراني المستحكم للولايات المتحدة وحلفائها، يواصل أميركيون مثل بوتيغيغ تصديق أسطورة «المعتدلين الإيرانيين». والحال أن هذا نظامٌ حكمه «مرشِدَون» في 40 سنة، مستبدون يؤمِّن حكمَهم «الحرسُ الثوري»، دولة داخل دولة صنفتها إدارة ترامب الشهر الماضي منظمةً إرهابية أجنبية على نحو صحيح.
«الديمقراطيون» الذين يتجاهلون هذا الواقع والذين يعدون بالعودة إلى سياسات التهدئة التي كانت متبعة في عهد أوباما ربما يوقعون على إعادة لسيناريو انتخابات 2016، والذي تبين أنه لم يكن جيداً جداً بالنسبة لوزيرة خارجية سابقة في إدارة أوباما.
ذلك أن ملايين الأميركيين يدركون تهديد إيران أفضل بكثير مما يفعل الجناح «التقدمي» للحزب «الديمقراطي». وسيرفضون العودة إلى السياسات التي شهدت تعاظم قوة أعداء أميركا، بينما قُلصت الميزانية العسكرية الأميركية خلال سنوات أوباما.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»